الجمعة، 3 يناير 2014

الرسول


الرسالة

كانت الرسالة كتاب محفوظ في الصدور عند حفظة التوراة من اليهود وكان يسمى كتاب

الرسول
الرسول هو من يحمل رسالة من طرف إلى طرف آخر .الطرف الأول هو الإله والطرف الثاني هم الناس، والرسول رجل مهمته أن يبلغ هذه الرسالة من هذا الطرف إلى الطرف الآخر وما على الرسول إلا البلاغ.
يوجد مشكلة في فهم صفة الرسول وتتمثل في الفهم الخاطئ لوظيفة الرسول بوصف مهمته بأنها ذهاب وإياب، إذ أن هناك تصور أن الرسول يسلمهم رسالة من عند الله ويستقبل منهم كلام ليوصله إلى رب السماء والأخيرة إضافة واهمة وغير حقيقية. والحقيقة ليست هكذا فالله سبحانه وتعالى يرسل للنبي والنبي ينفذ الأوامر وهذه الصلة بين الله وبين الرسول بالمعنى الأول، ولا توجد صلة بين الرسول وبين الله بالمعنى الثاني والتي تتمثل في أنه هو المرسل الوحيد بين الناس إلى الله. فالعلاقة بين الناس ورب السماء ليست بالوحي وإنما علاقة مباشرة بالدعاء. الأوامر التي تأتي من عند الله إلى الرسول تنفذ مباشرة، والرسول لا يشرك في حكمه أحداً ولا معقب لحكم الله فالعلاقة بين الله والرسول تقع في اتجاه واحد وهو الوحي الذي يستلم من خلاله الرسول الأوامر. لكن إذا أراد الرسول أن يتعامل مع الله لا يتعامل مع الله بالوحي ولكن بالدعاء فقط كسائر الناس.
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186((

عندما كان أي أحد يسأل أو يستفتي أو يشكي فلا يطلب من النبي أن يوصل دعاءه  لله ومن ثم يقول النبي لجبريل قل لله وهكذا! ولا يمكن للنبي أن يسبق الله بالقول لأن الله قريب ويسمع تلك الشكوى وليس له أن يجيب على تلك المسألة والله حاضر ويسمع الشكاوي و الاستفتاءات. عندما تسأل الناس الرسول فهو في انتظار الإجابة من خلال الوحي لأنه لا يعرف الإجابة في حينها ولا يسبق الله في القول، ويتعامل على أساس أن الله موجود حين سأل السائل وقد سمعه الله والله سميع بصير.
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1((


علاقة الناس بالله بدون رسول

من يسأل الرسول لسؤال الله فهو يغيب وجود الله والله موجود،

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186((

لم يقل الله سبحانه وتعالى للرسول قل للناس أني قريب ولكنه أجاب مباشرة (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) الناس تسأل الرسول، والله يجيبهم مباشرة بدون واسطة فالإجابة مباشرة. عندما اشتكت المرأة لم يكن للرسول أي دور في توصيل شكواها إلى الله لأن الله كان يسمعها، ولا يصح أن يكون هناك رسول بين الناس وبين الإله لتوصيل الشكوى لأن الإله رب السماوات والأرض موجود سميع عليم. وعندما نستخدم الرسول في توصيل الطلب والشكوى إلى الله معنى ذلك أننا جعلنا الله في مكان غير الذي نحن فيه وهذا يعني أننا غيبنا الله، ولكن الحقيقة أن العلاقة مع الله علاقة مباشرة. نحن من يكلم الله، عندما يكلم الله سبحانه وتعالى الرسول يكلمه عن طريق وحي، فعندما تحدث نوح مع الله قال إني مغلوب فانتصر لم يقل للوحي قل لله أني مغلوب فانتصر، وعندما طلب الحواريون من نبي الله عيسى مائدة طلبها عيسى من الله مباشرة.

الله يعرف الناس بالرسول
الرسول لا يعرف الناس بالله ولكن الله هو الذي يعرف الناس بالرسول. الرسول هو شخص غير معروف بالنسبة للناس، وعلى العكس فالناس تعرف الله، حتى أولئك الذين يعبدون الشمس والقمر والنار، ولكنهم يعبدون من دون الله.
حين يبعث الله الرسول تستهجنه الناس لأنها لا تعرفه وتقول له: من أنت؟ وتنكر بعثته ! لكن في المقابل فالناس كلها تعرف الله، لذا فإننا نقول أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعرف الناس بالرسول وليس العكس. والشواهد على أن قوم النبي كانوا يعرفون الله في زمن النبي كثيرة فأبو النبي كان اسمه عبدالله، و حين أراد ابره الأشرم أن يهجم على الكعبة قال عبدالمطلب: للكعبة رب يحميها، وقريش كانت تتخذ الأصنام زلفى وتتقرب لله بالتقرب للأصنام. لم تكن المشكلة في تعريف الناس بالله فالله موجود ولكن المشكلة في تعريفهم بحقيقة الدين الذي يريده الله من الناس ويبين لهم أن ما يقومون به من أفعال ليست من أوامر الله وليست هي العقيدة الصحيحة. وكذلك نفس الوضع مع أهل الكتاب فقد كانوا يعرفون الله ولكنهم لم يكونوا على الطريقة التي يريدها الله منهم ولم يستمروا على التمسك بما أنزل الله عليهم من أوامر في كتبه السماوية. الله هو الذي يعرف الناس أن هذا الرسول من عندي، وليس العكس.

الرسل تأتي لإعادة الطريقة
النبي يأتي ليبين للناس خطأ ما ابتكروه وما ابتدعوه في الدين ويعيد الطريقة الصحيحة التي يريدها الله والتي غابت بسبب الابتداع في الدين. وهذا يقودنا إلى أهمية الطريقة التي يأمر بها الله وضرورة الالتزام بها بدون زيادة، فكثير من الديانات تعبد الله وتعترف بالله واليوم الآخر لكن تلك العبادات لن يقام لها وزن يوم القيامة وسيدخل أصحابها النار لأنها ليست على الطريقة التي يريدها الله.
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105((
يكون الكفر حين لا يتم الالتزام بالطريقة التي نزلها الله سبحانه وتعالى ولم تطبق كما أمر الله، كل واحد في هذه الدنيا يقول أنه يتبع تعاليم الله، وكل واحد يقول نفس الكلام ويظن أنه هو الذي آمن بالله، لكن بنظرة بسيطة نرى أن إلهنا واحد والكل منا يصلي ويصوم، المسيحي واليهودي وكذا المسلم الكل عنده دين والجميع لديه محرمات، هو يصوم وأنا أصوم هو يصلي وأنا أصلي ولكن من هو الكافر ومن هو المؤمن؟ المشكلة في أن هناك طريقة للصيام يريدها الله فمن لم يتبعها فهو كافر بها ، ويحسب من الكافرين بآيات الله وبالدين، وكذا بقية أوامر الله كالزكاة والحج وهكذا. لماذا يكون كل من لم يتبع الطريقة كافر رغم أنه مؤمن بالله واليوم الأخر؟ لأنه لم يعمل بالدين الإسلامي، وما هو الدين الإسلامي؟ هو مجموعة من التشريعات والتعليمات و المحرمات التي فرضها الله و يجب على الانسان اتباعها، ومن لم يلتزم بها والتزم بغيرها فقد تعداها وبدّل كلمات الله وتبديل كلمات الله كفر. الإيمان لا ينحصر فقط في الاعتراف بالله واليوم الآخر لكنه يشمل الالتزام بالطريقة التي يريدها الله من الناس ومن يبدل نعمة الله ويبدل كلمات الله فقد كفر حتى وإن كان مؤمناً موحداً بالله.
(وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (16((
الطريقة هي الدين والالتزام به هو الإسلام

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (85))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق