الاثنين، 30 ديسمبر 2013

الحق والباطل والدين


الحق واحد
 الحق شيء واحد، انظر مثلاً في الوحدانية فالوحدانية حق، والشرك ظلم، لوكان الحق اثنين فسنظلم، لا يوجد منطق أو عقل في الحياة يقبل أن يكون هناك أكثر من حق واحد.  يقول الله سبحانه وتعالى

(فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32((
لأن الحق واحد والذي يأتي من بعده يكون ضلالاً، الحق شيء واحد فلا يوجد حق بعد الحق، لو كان لدينا مصدران للحق أو لو وجد أكثر من حق سيتكوّن فريقان ومرجعيتان ويكون الضلال، لذا لابد من وجود حق واحد حتى إذا ما اختلف الناس في شيء كانت المرجعية واحدة .


الباطل

يتمثل الباطل في الكذب على الله في الدين، أي في تغيير حكم نزل من عند الله أو التعقيب عليه ومن ثم تحويله إلى حكم آخر. الله له علم وقدرة لا يستطيع أحد أن يأت بمثلها ، فالحكم لله وحده.

لماذا لا يزهق الباطل؟

لماذا لا يزهق الباطل مع إن الله سبحانه وتعالى قال إن الباطل كان زهوقاً؟الإجابة أن الآية تقول (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81))  فالحق هو الذي يزهق الباطل، فعندما يأتي الحق يزهق الباطق، وسبب أن الباطل لا يزهق أمام أعيننا في هذا الزمان أن الإختلاف الآن بين الباطل والباطل وليس بين الحق والباطل. فالباطل لا يزهق باطل ! 

الدين
كلمة "الدين" هي عنوان الشرع أو المنهج أو القانون الذي نزله الله على الانسان حتى يطبق، عندما يتحدث الله في الدين فهو يتحدث بالحق ، ويبين الباطل.



الإله والرب


الإلـه
الإله هو الذي أسس الوجود من بدايته إلى نهايته، وهو مالك وصاحب كل شيء، هو الذي خلقنا من تراب وهو خالق التراب فهو مالك كل شيء وليس لأحد عنده شيء ،لذا فإن الإله دائن وليس مديون، دائن لكل الكون وليس عليه شيء لأي أحد في هذا الكون، فهو الإله الذي تؤول إليه كل الأشياء. ولا يدينه أحد بشيء، إذ لم يأت أحد له بالتراب ليخلق الإنسان. لو أن أحداً ما أدان الله بشيء سيكون هو الإله. الله سبحانه وتعالى له كل شيء وليس عليه شيء، الكل مديون لله، لا إله إلا الله هو الذي خلق هو الذي يعطي وهو الذي يجيب دعوة المضطر.

الـــرب
الرب صفة وليست اسم،صفة تطلق على صاحبها، أما كلمة ""الله" فهي اسم. "الرب" هي صفة "الله": هو رب السماوات والأرض:
(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28((
 الرب هو المدير القائم على العمل كما نقول رب الأسرة فهو المسؤول عن إدارة شؤون الأسرة من رزق ومعاش وإدارة. والله  رب الكون أي أنه مدير الكون فهو الذي يخلق ولم يكلف أحداً بأن يدير هذا الكون، لأنه هو الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يغفل أبداً عن مخلوقيه ومملكته. لم يأت بأحد غيره ليدير عنه هذا الكون لأنه قائم على الكون.

 قائماً بالقسط
)شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18((

الله قائماً بالقسط أي أنه لا يتعامل بالمجاملة، ولا يفوّت الأخطاء لأي سبب من أسباب العاطفة أو القرابة التي نستشعرها نحن البشر.على المؤمن بالله الذي يؤمن بأن الله لا إله إلا هو وأنه قائماً على الكون بالقسط أن يؤمن أن إدارة الله للكون إدارة فعليه وأنها إدارة بالقسط لأنه هو الرب الذي يدير هو الذي يحكم وهو المدير العام للكون. قد  نعلم في الحياة أن أحداً ما يملك شيء ثم يعين غيره ليدير ذلك الملك ولكن هذه الصورة ليست هي حقيقة الأمر مع ألوهية الله سبحانه وتعالى حيث أنه إله ورب في نفس الوقت أي أنه المالك وهو المدير في نفس الوقت.

الظن

الشك 
الشك هو احتمال وقوع الحدث مع عدم وقوعه بدون ترجيح.

الظن
الظن هو الحصول على العلم بدون رؤية ولكن بدليل، عندما لا نرى شيء بأعيننا أو لا نسمعه بآذاننا ولدينا أدلة تثبت وجود ذلك الشيء نكون قد حصلنا على العلم  به ولكن بالظن.

اليقين 
هو الحصول على العلم بالشيء برؤيته، وهي الدرجة التي طلبها نبي الله إبراهيم حين طلب من الله أن يريه كيف يحي الموتى:
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260((

عندما نريد أن نرى بأعيننا معنى ذلك أننا نطلب اليقين حتى يطمئن القلب.
)أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ (8((


مثال 
 لو سرق منك شيء ، واتهمت أحداً، سيتحدد موقفك في ثلاث حالات تجاه من تتهمه بالسرق. فلو اكتشفت السارق بالأدلة تكون قد تحققت منه بالظن ، ولو رأيته بعينيك وهو يسرق تكون حصلت على العلم باليقين. أما إذا شككت في أحدهم فمعنى ذلك أنك لا تستطيع التثبت من حقيقة أنه سرق أو لا؟

الظن بالله
نحن لا نرى الله سبحانه وتعالى ولكننا حصلنا على علم بوجوده فنحن نظن بوجوده، وبالمثل يوم القيامة لم  نره ولكننا أيقنا بتحقق ذلك اليوم بالأدلة فهو ظن، عندما نقول أن الله موجود وأن يوم القيامة سيقع فهذا ظن والله سبحانه تعالى يصف الخاشعين بأنهم هم الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون يوم القيامة 

)الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)


الظن في تحصيل الدين
أن نظن بوجود الله والآخرة فهذا أمر حسن فنحن لا نرى الله فالله غيب والآخرة غيب، ولكن في تحصيل العلوم التي تنجي من الآخرة فيجب أن نحصل عليها باليقين. لا ينفع أن نتبع الظن في مسألة الدين، فالحق في القرآن وهو اليقين. الكتاب السماوي هو الجهة التي لا نستطيع أن نشكك فيها، فهو مختوم من عند الله وكلام ليس من عند أحد قدرة أن يأتي بمثله. فأخذ الأحكام والعقائد من الكتاب هو أخذ للدين باليقين لأن الرجوع للكتاب هو بمثابة أخذ الحكم من الله مباشرة، لأننا حينها نكون متيقنين مما نراه بأعيننا من آيات الله، وليس ما نراه ظناً كما هو الحال في أخذ الدين من المرويات والمنقولات عن الرسل.
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116((
يصف الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كل ماينقل من خارج كتاب الله بأنه ظن، وينطبق وصف الظن على المرويات المنقولة عن الرسل لأن ناقل الحديث لم يسمع بأذنه ولكنه نقل عن أحد يقول أنه سمع
)وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئاً (28((
لذا فإن المرويات لا تنفع لأن تكون مصدراً للحكم، فالظن لا يغني من الحق شيئاً، أي أن كل ما هو ظن فهو لا يصلح لأن يكون مصدراً من مصادر الحق.
عندما نشهد بشيء فلا ينفع أن نشهد بشهادة أحد آخر كأن يقول أحدنا: فلان حكى لي أن هذه الحادثة صحيحة، فاليقين أن نكون نحن من رأى الحدث أو سمع المقولة . لذا عندما نريد أن نحكم فعلينا أن نحكم بالحق، والحقيقة تحتاج لليقين وهو الذي يكون عندما نرى بأعيننا.وناقل المرويات النبوية  يظن أن النبي قال الحديث لكنه لا يستطيع أن يشهد بذلك:
(إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23))

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

البيان


مقدمة
لأي حديث بيان، هو أساس الفهم بين المتحادثين، ولا يمكن أن يجري ذلك الحديث بينهما دون أن يكون هناك بيان وفهم مسبق لمفردات ذلك الحديث.


البيان
يبدأ الإنسان في تعلم البيان منذ الطفولة، من خلال والديه ومن خلال احتكاكه بالحياة، فيتعلم أسماء الكائنات والجمادات من حوله، فيعلم أن هناك شمس وقمر ماء ونار بر وبحر أرض و سماء، يميز الألوان ويقارن فيهم أن هناك تباين للأشياء وأطوال ومسافات ، ويتعلم كل تلك المفردات التي تعطيه الأهلية للمقارنة والتعبير عن كل ما حوله. وهو في الحقيقة في كل ذلك يتعلم أساسيات وتتجمع لديه حصيلة لغوية شاملة وهو ما نسميه البيان.
فالبيان هو مجموعة أسماء وتعاريف الأشياء وأسس التعامل للأشياء من حولنا.وتظل اللغة جامدة غير مفهومة مالم يتواجد بيانها، فبدون بيانات الأشياء وبيانات الأفعال لن نتمكن من فهم الحديث.

حديث القرآن
 (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4((
علم الله سبحانه وتعالى الإنسان البيان، وقد نزل القرآن على هذا البيان الذي تعلمه.



أوامر الله كاملة
يجب أن نعتقد بأن كلام الله كامل ولا يعتريه النقص. فالأمر:"اذبحوا بقرة" ،أمر كامل ولا يحتاج لتعقيب أو استفهام ولو كان في الأمر زيادة لأمر الله بها .الإله كامل في توضيح أمره ولا يمكن أن يأمر بأمر مراده منه أنه يريد أن نذبح بقرة صفراء ويكتفي بقول"اذبح بقرة" فقط وبدون أن يذكر كلمة صفراء. ولن يحاسب الله سبحانه وتعالى على من نفذ أمر"اذبحوا بقرة" على أنه خالف الأمر ولن يقول له سبحانه وتعالى ليست هذه البقرة التي أقصدها! لأن الله لا يضل ولاينسى.

مشكلة تعريف المعرف
السؤال عن شيء معروف له بيانه هو أساس مشكلة تعريف المعرف وتفهيم المفهوم والذي يؤدي إلى إخراج تعريف الشيء عن حقيقته. إن من شأن ذلك السلوك أن يفتح باب للهوى بأن يفرض السائل أو المسؤول الشكل الذي يريده في التعريف المطلوب. إن نتيجة السؤال  عن كل شيء وعن تعريف المعرف وتفيهم المفهوم يؤدي بالنتيجة إلى الغلو في الدين.


أمثلة :
1- "اغسلوا وجوهكم " يجب أن لا نسأل : ما هو المقصود بالوجه ؟أو كيف يجب علينا أن نغسل وجوهنا؟ لأن ذلك من البيان، فكل واحد منا  تعلم بيان هذه الكلمة منذ الصغر وصورة هذا الفعل مرسومة في أذهاننا !

2- "الحج أشهر معلومات" الله سبحانه وتعالى يتحدث على أساس أن بيان هذه الأشهر موجود لدينا فهي أشهر معلومة.


3- الحديث عن يوم الجمعة ، أو شهر رمضان، أو بقية الأشهر ، إنه من غير الصحيح أن نسأل عن هل هذا يوم الجمعة الذي نعلمه أو شيء آخر ؟! 

الشيطان يكمن في التفاصيل



يجتهد الشيطان في تضييع قيمة البيان الذي يفهمه الإنسان بتلقائيته ،  ومن ثم يقوم بتغيير ذلك البيان حتى يتم تحريف الكلام، فتتداخل الأفهام وتتعقد المسائل وكل يفهم القول حسب مفهومه ويحصل الاختلاف.
لقد نزل القرآن الكريم على البيان، وعندما يأمر الله سبحانه وتعالى بأمر فإن الأمر يكون واضحاً كقوله :"اذبحوا بقرة" فلا خلاف في البقرة ولن يذبح أحد ماعز! ولكن الشيطان يبدأ بالدخول في التفاصيل ، ويكون الوضع شبه بأن تأمر بالسفر إلى مكان ما ، فتنفذ الأمر بكل تلقائية وبساطة ، وعندما يراد  منك أن تنحرف عن الأمر، سيقف أحد ليغير قيمة الأمر البين ويسأل أسئلة مثل:هل علمت متى يجب أن ترحل؟ وكيف؟ ومن أي طريق وماذا تلبس؟ ليغير البيان في كلمة "سافر إلى المكان الفلاني"

الخميس، 26 ديسمبر 2013

العجب


ما الشيء الذي يجب أن لانتعجب منه؟
إننا في الغالب نتعجب من الشيء الذي لم نتعود عليه منذ الصغر ! فلو قيل لنا شيء لم نسمع عنه من قبل ولم نتعود عليه نتعجب!ولكن ما يجب أن يكون عليه كل إنسان عاقل هو أن يسمع الكلام بالحق وليس بما تعود عليه، ليس لأحد أن يقيم أي دعوة على أساس أن هذه الدعوة ليس لها أساس في تربيته أو أنها لم تكن لديه.
مالدى كل واحد منا والذي يجبره على أن يقيم الأشياء على أساس الهوى، لذا نرى أن ابن المسحي الذي يدين بالمسيحية يكون مسيحياً مثل أبيه،وابن اليهودي يكون يهودياً ،وهكذا كل ولد يكون على ديانة آباءه،لذا فكل مولود على ديانة يعجب مما يخالف ما ولد عليه. وهذا السلوك لا يقود للحق، وعلى العاقل الذي يسعى للحق أن لا يحكم بالهوى، إن الحق هو ما يقوله الله سبحانه وتعالى،والمنطق والعقل هما الحكم في صدق الدعوة وليس العجب، وليس من الصحيح أن نحكم على صدق دعوة بقربها أو ببعدها عن ما ورثناه من آباءنا.عندما تسمع عن شيء لم يكن لديك سابقاً فلا تتعجب، فلو قيل مثلاً :أن البول والبراز ليس له ذكر في الكتاب وبالتالي ليس له حكم شرعي! فلا تعجب لأنك قد تعودت من صغرك على غير ذلك! احكم بالحق ولا تحكم بالهوى، لا حظ كيف يعجب الناس الذين يعبدون إلهة متعدد عندما يأتيهم رسول يدعوهم إلى الله وحده:
(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5))
على المنصف الذي يسعى للحق أن لا يتأثر بما ورثه من آباءه،فلاينبغي أن يكون لتلك والوراثة أثر سلبي على الجديد الذي قد يحمل الحق، على الساعي للحق أن لا يركن إلى العقيدة التي كان عليها حتى يتمكن من فهم الحق بدون صعوبة.فإن طابق الحق ما كان عليه أو لم يطابقه فلا يكن ذلك مانعاً من الإقرار به واتباعه.

الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

ابحث عن الطريقة الصحيحة




الطريقة الصحيحة وليس الاتجاه الصحيح.
ليس صحيحاً أن يحدد الإنسان الاتجاه الصحيح في الدين، بل الصحيح أن يبحث عن الطريقة الصحيحة.ففي الأولى انتماء وفي الثانية عمل.في الأولى وقوع في فتنة "السند" والتي تعني أن ابحث عن الشخص الذي يقول الحق واتبعه دون تفكير ودون تحمل أدنى مسؤولية. بينما في الثانية تحقيق في المتن وتتبع لحقيقة الكلام وفيها يكون الانسان متحملاً للأمانه وكأنه يقول لنفسه وللآخرين بالفم الملآن أنا مسؤول عن اختياري وعن كل معتقد أعتقده في الدين وليس لأحد أي جرم في اختياري.


ضرورة التفكر
على الرغم من أن القرآن هو أقوى سند لأنه من عند الله ومن عند الرسول إلا أنه يطلب منا أن نقبله بمتنه لا بسنده، فتراه يأمرنا بالتفكر وتحديد المصير بصفة فردية ويقول
( أفلا أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)) ،
ويؤكد علينا بضرورة التفكر، ويمقت التبعية العمياء والتي تجعل من الانسان متخلي عن مسؤولية الاختيار،وتنفي الآية أن يكون لأحد أي حجة يوم القيامة في أن يقول : ليس لي ذنب وإنما هو اختيار من اتبعته وأنا وثقت فيه واتبعته !!


المسؤولية الفردية
على كل إنسان أن يتحرك في الدين من مسؤولية فردية وأن يسمع الكلام بحرية تامة عن قيود المجتمع والآباء وعن قبول النفس التي ألفت شيء تعودت عليه منذ الصغر بسبب التربية والمجتمع والتنشئة الدينية.لذا فإن من يتحدث في الدين من القرآن فإنه يكون موجهاً ومرشداً للحقيقة التي يجب أن يتوصل إليها المؤمن بنفسه وليس مقرراً أو متحملاً للمسؤولية عنه في أي قرار يقوم باتخاذه.إن من يحب أن يسير على الحق يأخذ الكلام عن الدين ثم يعود ليختلي بنفسه مع ربه ليسأل الله أن يهديه إلى الحق ثم يتأمل في الآيات التي كانت مصدر تلك الحقيقة ليتحقق منها بنفسه. هل  ما قيل من القرآن صحيح أم لا؟ ثم يقبل أو يقارع الحجة بالحجة،أما من يعود لمن تحدث بالقرآن بحكم من الأحكام ويقول له أنني لست مقتنعاً وحسب (بدون الرجوع لله والتأمل في القرآن) إنه بذلك يعبر عن رفضه للحقيقة الجديدة وليس بالضرورة أنه يعبر عن عدم قناعته العقلية والقلبية. إنه لا يريد أن يغير ماهو عليه ولا يريد أن يحصل على قناعة حقيقية لأنه لم يدرس الكتاب ولم يجتهد في ذلك.

الاثنين، 23 ديسمبر 2013

الأمانة




الأمـــانــة
(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72))
ماهي الأمانة؟ لو أن أحداً عزم على أن يسافر وقال لأحد أقرباءه خذ أولادي عندك وفي رعايتك،فإنه خلف الأولاد أمانة لدى ذلك الشخص.الأمانة هي الأرض، الله سلم الأرض أمانة للإنسان.ليس المقصود بالأرض أنه سلمه التراب والجبال والجماد،ولكن المقصود هو أهل الأرض والمخلوقات التي على الأرض.عندما نقول أن بلدة ما قررت قرارا ما فإننا نقصد أن أهل تلك البلدة قرروا،عندما نقول أن السعودية قالت، فليس المقصود أن تراب السعودية هو الذي نطق ولكن يعني الناس التي تعيش في السعودية هم الذين قالوا.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38))
عندما خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام خلق معهما كل شيء وكان من ضمنها المخلوقات "كل المخلوقات" ومن بينها الانسان،خلق الله سبحانه وتعالى الكون من ملايين السنين، ويبين العلم الحديث أمر مهم وهو أن هناك آثار للإنسان منذ فترات قديمة جداً،فقد وجد العلماء هياكل عظمية تعود إلى فترة زمينة بعيدة، ودل التحليل على أنه كان قبل ملايين السنين،أي قبل 500 مليون سنة أو أكثر! وعندما نحاول أن نقدر الفترة الزمنية التي جاء فيها آدم فإن أبعد تقدير لفترة حياته أنه كان يعيش قبل 10 آلاف سنة ،ولو أردنا أن نبالغ في هذا الرقم وبعد التجاوز في الكلام سنقول أن آدم عاش قبل 20 ألف سنة وذلك على أبعد تقدير.ولكن العلم يشير إلى أن هناك وجود للإنسان قبل ملايين السنين! إن هذه الحقيقة العلمية تسير مع أجواء الحدث الذي نريد أن نستعرضه من القرآن في أمر الأمانة التي حملها الإنسان.
(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72))
عرضت الأمانة على جميع المخلوقات على الأرض وكان الانسان أحد تلك المخلوقات ، كان العرض للمخلوقات وليس للجمادات،وعرضت الأمانة على جميع المخلوقات في السماء والأرض، وكل مخلوق من هذه المخلوقات سأل هل تحمل الأمانة فكانت الإجابة من الجميع بالرفض إلا الانسان فقد قبل بأن يحمل الإمانة!وكان الإنسان في حينها مثله مثل أي مخلوق في الأرض بدون امتيازات وبدون تفضيل،بعد هذا الاختيار جمع بني البشر "الإنسان" فجيئ بالإنسان وجمعه الله سبحانه وتعالى وأحصاه وأجرى معه لقاء هام بناءاً على قبول تلك الأمانة.
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172).
في هذا اللقاء الذي جمع فيه كل بني آدم ،بترتيب خاص كما هو موصوف في الآية أن من ظهره ذريته أي أن الأب موجود والجد وهكذا، أخذ من ظهورهم ذريتهم أي جعل كل جيل صف خلف آباءه، فالناس واقفون حسب تسلسلهم في النسل، فخلف الرجل ابنه وخلف الابن ابن الابن وهكذا، وأمام الرجل أبوه وأمام الأب الجد وهكذا حتى آدم. الكل واقف في هذا المشهد أمام الله.فهنا المشهد الأول والذي يقر فيه كل فرد منا بعدم معرفته بأبيه أو أجداده وأنه لا أنساب بين أحد في الحقيقة، فلا علاقة بين آدم وبين قابيل وهابيل،وكذا لا رابط حقيقي بين كل جيل والجيل الذي بعده.كل واحد أمامه ابنه وأمامه أباه ومن غير ولاده، في موقف مع الله سبحانه وتعالى، لم تكن البشرية قد تشكلت كعوائل وأنساب ولا نعرف بعضنا البعض! وبعد أن يرى كل انسان هذا التوزيع ويرى حقيقة الأمر في عدم وجود صلة حقيقية يتم السؤال لجميع بني البشر:ألست بربكم؟ في هذا اللقاء المصيري والمهم جداً ونحن في حالة الخلق الأولى،فيجيب جميع بني البشر بقولهم:بلى شهدنا،فيقول لهم الحق عز وجل:
(أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)
هل ترى هذا الصف هل ترى من هو أمامك؟ لقد أقررت بنفسك وقلت لا أعرفه، فانظر إلى من هو خلفك وأقر بنفسك أن لا علاقة لك به (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) نحن لم نخلق في هذه الدنيا فرادى؟لكننا نزلنا عوائل وأسر،ولكن تلك الحياة الأولى كانت(فرادى) في حقيقتها، وسنعود مرة أخرى إلى نفس الحالة وهي حالة (لا أنساب بينهم) سنعود بعد ذلك في يوم القيامة بمثل حالة الخلق الأول أي بدون نسب، وكم خدعنا في هذه الدنيا بالقرابة وكم تركت تأثيرها علينا في اتخاذ القرارات والمواقف في الحياة الدنيا،فنرى أن الابن يكون دينه هو دين الأب بشكل طبيعي وبدون أي اجتهاد في الدين، والله سبحانه وتعالى يريد أن يأخذ عهد على الإنسان بأن لا يقول في يوم القيامة أنني غفلت عن ربي بسبب آبائي.

لا حجة على الله
يحذرنا الله سبحانه وتعالى من أن نحتج يوم القيامة بحجة وهي أن أبي كان مشركاً لذا أنا أصبحت مشركاً، فالأصل أنه لا علاقة لأحد بأبيه، وعلى الإنسان أن يخرج بنفسه وينظر هل أباه على صواب أم لا! خليل الله ابراهيم هو المثل الأبرز في هذا لأنه تمكن من التفكير باستقلالية تامة. لماذا نخرج إلى هذه الدنيا متمسكين بشدة بما كان عليه آباؤنا؟ هنا في هذه الآية اتفاقية مع الإنسان الذي قَبل الأمانة في أن يكون حراً ولا يحتج بحجة النشأة والمجتمع والآباء.

ما يقوله الله حقيقة
سيُلغى هذا الموقف من ذاكرة الانسان حتى يمتحن في الحياة،فلا أحد منا يتذكر هذا اللقاء!عندما نؤمن بالله علينا أن نصدق أن هذا الكلام قد وقع،وهذا الكلام حجة علينا،عندما يقول الله فقوله آية وتكون كأنك رأيته بعينيك،أنت رأيت آية،فكلام الله يقين في كل الأحداث التي تحدث بها في كتابه العزيزفكأنك شاهدتها بنفسك،لذا اعتبر نفسك أنك رأيت إحياء الموتى مع إبراهيم الخليل حين ذبح الطير، وكأنك رأيت أفضل من رأي العين كيف فعل الله سبحانه وتعالى بأصحاب الفيل وهكذا مع كل آيات القرآن الكريم. لقد كنا أحياء في ذلك اليوم الذي قررنا فيه المصير، وسيجعلنا بعد ذلك الموقف خلفاء في الأرض وسيسخر لنا كثير من المخلوقات وسيختبرنا بعد أن يعطينا الكرامة والخلافة. وخلاصة الاتفاق هو أن الله يشهدنا أنه ربنا بعيداً عن تأثيرات الحياة الاجتماعية وبدون اتباع الآباء.

ابحث عن الحقيقة بنفسك
علينا أن نجعل هذا الاتفاق نصب أعيننا، فلا نتبع الآباء،ولا ندافع عن الذي كانوا عليه ، أو نبقى عليه دون تفكير. المشكلة أن قاعدة الناس في حياتنا الراهنة هي الاتباع الأعمى للآباء والله سبحانه وتعالى يحذرنا من أن نعيش بهذه القاعدة أو أن نتعامل بها،لا يحق لأحد أن يقول يوم القيامة:يارب أنت الذي جعلتني كافراً لأن أبي كان كافراً، فلو كنت ابن رجل مسلم لكنت مسلماً!وكم نتسائل دائماً :ما ذنب الأطفال الذين يولدون من غير المسلمين؟ما ذنبهم وهم لم يعلموا أين الحقيقة؟ نزلنا إلى الدنيا على الاتفاق مع الله بأن أي حجة في أن الآباء كانوا هم السبب في ما نحن عليه هي حجة مرفوضة ويجب على المرء أن يكون مستقلاً ويبحث عن الحقيقة بنفسه.

الموتة الأولى
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28))
الموتة الأولى ليست في ذاكرتنا ولا نشعر بأننا كنا مخلوقين قبل هذا وأنه قد عرضت علينا الأمانة.نحن قبلنا بالأمانة بعد أن رفضتها بقية المخلوقات.وأعيد خلق آدم وبني آدم من نوع فاخر من الطين وهو الطين الفخار الذي يحمى على النار،فالأشياء الأجود تصنع بشيء أفخم،الله سبحانه وتعالى خلق الانسان من طينة فاخرة النوع.
(خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14))
خلق الإنسان مرة ثانية بطينة فاخرة وهذا ما نلاحظه كاختلاف في نوع بشرة الانسان إذ أنها بشرة فاخرة غير بشرة المخلوقات الثانية.
( مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7))
الله سبحانه وتعالى عدل خلق الانسان الى الأفضل بعد موقف العهد ذاك .ومن ثم تم تحديد نسب كل فرد بالتسلسل الذي فيه عقب لكل إنسان، بحيث أنه عندما يتم إعادة خلق الإنسان عن طريق الولادة سيأخذ كل واحد منا وضعه وضعه الطبيعي في سلسلة النسب التي قررها الله له في الحياة الدنيا.

توحيد لله في الدعاء وشرك في التوريث
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190))
المرأة حملت حملاً خفيفاً أي أنها في بداية الحمل وفي أشهرها الأولى،فلما أثقلت أي أنها وصلت في شهرها الرابع دعوا الله ربهما وكان دعاؤهما لله نابع من أنهما يعرفان الله حق المعرفة على أنه هو ربهما لذا فهما يتوجهان له بالدعاء.عندما انجبت الأم ولدها
( جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا )
أي أنهما علما هذا الولد أن لله شريك،أي أنهما علماه شيء آخر غير الله ، على الرغم من أنهما دعوا الله ربهما بإخلاص.فهذه الآية تشير إلى كيف يورث الآباء لأبناءهم الشرك على الرغم من أن دعاءهم عندما يدعون يكون خالصاً لله. ثم تشير الآية إلى الشركاء وأنهم ميتون :
(أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (195)

الله سبحانه تعالى لا يتعامل مع الناس بعلم الغيب
الله سبحانه وتعالى لا يتعامل مع الناس بعلمه بالغيب في حقيقة ما سيكون عليه الانسان بالإيمان أو الكفر في بعد دعوته للحق،فمثلا عندما أرسل الله سبحانه وتعالى موسى إلى فرعون قال:
(فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44))

على الرغم من أنه سبحانه وتعالى يعلم أن فرعون سيكفر ولكنه سبحانه لا يتعامل بعلمه بما سيكون من فرعون،وهذا بغرض أن يظهر الحق ولكي يطبق معه العدل.لو أن أحد تاب من شيء سيتعامل معه على أنه تائب حتى وإن كان يعلم أنه سيعود إلى جرمه،الله يتعامل مع الإنسان بكلامه إلى أن يصدر منه الخطأ مع علمه بالغيب.

النبوة والكتاب


النبوة والكتاب
أنزّل الله الكتاب على النبي محمد كاملاً ليلة القدر بشكل كتاب مكتوب ( إنا أنزلناه في ليلة القدر). هناك فرق بين النبي والرسول،فالنبي غير الرسول،النبوة تعني وجود كتاب،وليس لازماً أن يكون رسول،ممكن أن  يأخذ الرسالة لأهله فقط.
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213))
في الآية إشارة واضحة إلى أن الكتاب ينزل على الأنبياء،أما الرسل من بعدهم يأخذون اسم النبوة باسم شرفي لأنهم يأخذون نبوتهم من الكتاب الذي كان من قبلهم. هنا نريد أن نقرر هذه الحقيقة أن من يخرج فيبلغ الناس بالكتاب فهو رسول. إسحاق رسول على أسرته وكذلك يعقوب ويوسف،لكن الرسول الفعلي هو الذي يأتي بكتاب على قوم فإن كذبه قومه نزل عليهم العذاب وهذه سنة الله وليس لها تحويل.

نزول الكتاب
بعد أن نزل الكتاب على النبي كاملاً ليلة القدر،آمن به النبي محمد ومكث في دراسته فترة من الزمان.كان هناك بعض المؤمنين في قريش والذين كانوا يعبدون الله على الكتاب، وكانت هذه هي فترة النبوة ،لا يحدث الناس عن أي شيء في الدين ولكنه يتعايش بإيمانه مع بعض المؤمنين الذين كان لديهم إيمان بالكتب السماوية السابقة، وتوضح سورة المزمل هذه المرحلة وتصف فيها المؤمنين الذين مع النبي بأنهم (طائفة من الذين معك).لم يكن النبي يعلم أي شيء عن الدين قبل ذلك،ولكنه تعلم الكتاب وتعلم الدين في هذه الفترة
(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52))،
كان النبي كأي انسان حيث أنه احتاج لأن يؤمن بما نزل عليه من الحق وكان عليه أن يتعلم الكتاب لفترة حتى يتمكن من الحديث مع علماء أهل الكتاب حين يخرج ليبلغهم الدين فيما بعد.
بين الآية الشريفة (يا أيها المزمل) والآية الشريفة (يا أيها المدثر) فترة من الزمان يقدرها التاريخ بـ 3 سنوات. المدثر هو الشيء المدسوس المتداري المخفي، وأمر الله له سبحانه بـ (قم فأنذر) إشارة لجهوزيته لتبليغ الدين.

المتشابهات وأم الكتاب
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7))
آيات أم الكتاب هي المحكمات هي أصل الكتاب الذي نزل من السماء،أما الآيات المتشابهات فهي الآيات التي لها تأويل ويكون لها أكثر من فهم وتحمل أكثر من وجهة في فهمها. فلو قلت مثلاً :" تقابلت مع أحمد في الساحة" وهناك مكانين يحملان نفس اسم "الساحة" ، فالكلمة نفسها "الساحة" تعطي مجال للمستمع أن يحملها على أكثر من وجهة، فالآيات المتشابهة هي التي تحمل أكثر من وجهة في فهمها.
التأويل:هو التحويل والانتقال، وتأويل القول أي الرجوع بالكلام إلى مقصده،عندما يأخذ أحد من الناس كلام شخص ويحوره إلى مفهوم غير الذي قصده المتكلم يقال له: لا تأول كلام الرجل إلى كلام لم يقله،ويقال له لقد حولت كلامه إلى شيء آخر! تأويل القول هو فهم نية المتحدث،وفهم ما أراد أن يصل إليه المتحدث.الآيات المحكمة هي آيات ليست مفتوحة وليس لها أي منفذ أو أي إمكانية لأن تتحول عن مقصدها ولا يمكن لها أن تحمل عدة أوجه:
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)طاعة وقول معروف)
الآية المحكمة لا تعطي مجال لأن يختلف عليها اثنان كما توضح الآية السابقة، فهي واضحة ولا تحتمل التأويل.

الحكمة من الآيات متشابهات؟
الآيات المتشابهات فتنة،فهي تتيح الفرصة لمن في قلبه مرض بأن يحول المعنى إلى مايريده هواه. فمثلاً إذا أراد أن يقول أحد أن النبي يشرع سيجد آية تشبه هذا المطلب مثل:(ما آتاكم الرسول فخذوه) أوالآية الشريفة(أطيعوا الله والرسول) ليتوافق ذلك مع مطلبه ومع مرض قلبه في أن يأخذ من أحاديث الرسول ما يهواه.

كيف يكون تأويل المتشابهات؟
يعلمنا الله سبحانه وتعالى من أين نأخذ تأويل الآيات المتشابهة، ففي نفس الآية الشريفة من سورة آل عمران آنفة الذكر تقول :
( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7))
(كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)تعني أنه لا ينفع أبداً أن نأخذ المتشابه فقط بل علينا أن نعيد المتشابهات للمحكم من الآيات. (وما يعلم تأويله إلا الله) أي أن تأويل تلك الآيات موجود في الكتاب في الآيات المحكمات التي أنزلها الله سبحانه وتعالى وليس عند أي أحد آخر، وهذا يعني أنه لا يصح أن أحكم بالمتشابه فقط.

مـثــال:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43))
هذه الآية توضح أن استثناء العذر للجنابة، فإذا لم نجد ماءاً للغسل وجب التيمم، التيمم ليس لأي أحد وإنما هو مختص بالجنابة وفي الحالات المذكورة والتي هي المرض ومن جاء من الغائط وملامسة النساء،وهذه الآية أحكمت الأمر في أن التيمم يقع على الجنابة، وقد نسخت هذه  الآية مرة أخرى في سورة المائدة في آية (6)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6))
تلك هي الآية منسوخة على الأولى من سورة النساء مضاف عليها حكم الوضوء. فعندما نسأل ونقول: هل التيمم بديل عن الوضوء؟ علينا أن نحكم بالمحكم وهو الذي كان في سورة النساء والذي اتضح فيه أن التيمم بديل عن الغسل فقط وليس عن الوضوء!
وخلاصة القول لايصح أن أحكم في الشرع من خلال آية واحدة وأترك بقية الآيات التي تناولت نفس الموضوع.
(كل من عند ربنا) تعني وجوب الحكم بكل القرآن وليس باقتطاع جزء دون آخر، فلو أردنا أن نحكم في الزكاة مثلاً أو أي موضوع آخر كالحج أو الصلاة وجب أن نأتي بكل الآيات التي تتحدث عن ذلك الموضوع  حتى نفهم حكم الله.

الفرق بين نزل إليه ونزل عليه ؟
نزل على : نزل الكتاب على النبي محمد ليلة القدر كاملاً.
نزل إلى : أي أن الكتاب نزل إليه على مكث، حين كان الكتاب ينزل إلى النبي كان النبي يعرف الكتاب ويعرف الآيات.وكان الوحي يأتيه ليخبره أي آية يبلغها للناس. والكتاب نزل على النبي ثم نزل إليه، وتشير الآية التالية لهذا المعنى:
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى (6) إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7))،
وكذلك الآية التالية :
(  فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114))
تأمر الآية الشريفة السابقة النبي محمد بأن لا يتعجل بشيء من الكتاب إلى أن يأتيه الأمر بذلك،وفي هذا دليل على أن الكتاب كان بشكله الكامل مع النبي أثناء نبوته.وكانت بقية آيات الكتاب التي تتناول الأحداث تنزل على النبي تباعاً حسب الأحداث،فالقصص النبوية لم تنزل مع الكتاب المحكم. وهذا أمر منطقي حيث أن الإنجيل حكى عن موسى لأنه بعد موسى والقرآن يحكي عن عيسى وموسى لأنه بعدهما ، وهكذا، فآيات الوقائع لم تكن في الكتاب الذي نزل كاملاً ليلة القدر.

ممن نأخذ الدين؟
لا تتعامل مع الدين على أنه فكرة تأخذ من عند أحد ما بدون تفكير أو تعقل؟على الإنسان أن يختار ،ولا ينفع أن يختار أحد لك الدين!لا ينفع أن تكون بهذه السلبية أنت لم تختار ما أنت عليه وما أنت تدعي أنك مقتنع به، ولكن .. أنت من يجب أن يقرر.فأنت من يتحمل المسؤولية.لا ينفع أن يقول أحدٌ  لك كلام وتقول له هذا صحيح بدون تمحيص أو تدقيق! المسيحي أبناؤه يدينون بالمسيحية واليهودي لليهودية، وهكذا الأجيال تأخذ ممن سبقها وبدون تفكير.فاسأل نفسك : بماذا أختلف أنا عن كل هذا التقليد الأعمى؟ لا ينبغي أن أقبل على نفسي أن أأخذ الدين من احد بنفس الأسلوب! ويجب علي أن أسأل نفسي: هل هذا الإنسان الذي قبلت أن آخذ الدين منه منح شيء في عقله لم يمنحه الله لأي أحد آخر؟


حقيقة فهم الكتاب
الكتاب بين أيدينا ليس مخفي أو أنه غير مفهوم،
(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171))
الاتباع في الدين يجب أن يكون بفهم وليس بالتقليد فقط.لا توجد نفس ستحاسب بدلاً عن أخرى،نفسك أمانة لديك أنت تحملها، لابد وأن تتحمل المسؤولية. ويجب أن لا تكون كباقي الناس الذين يتبعون على عمى وبدون أن يختار لنفسه. لدينا عبرة في سيدنا إبراهيم حيث أنه من المفترض أن يتبع أباه وقومه،وأن يسير على نفس ما كانوا عليه، فلماذا خرج عن المألوف؟ لأنه فكر وأراد أن يقرر لنفسه!وكيف لي أن افكر وأن اخرج بشكل مختلف عن كل ما هو باطل ومألوف في كل موروث، يمكننا أن نلجأ لله ربنا،وهذا هو المطلوب من كل واحد منا هو أن يلجأ لله.
لو أن الله سبحانه وتعالى وجد في أحد أنه يريد الحقيقة بصدق ويريد الصراط المستقيم بدون هوى فإن الله سيهبه رحمة من عنده وسيهديه.مايهم هو أن لا يكون للهوى مكان في قلب الساعي للحق وأهم شيء أن يقول :أنا أريد الحقيقة فحسب،أياً كانت هذه الحقيقة، بدون شرط وبدون تحديد للشكل الذي تكون عليه هذه الحقيقة،ويعتقد أنه يتعامل مع الله،لو صلى أحدنا ركعتين ثم قال لله سبحانه وتعالى بقلب سليم: يارب اهدنا للحق، فلن يرد الله هذا الدعاء ؟ وهو الذي يحب لعباده الهدى والحق؟!.
الكتاب يسير الفهم  لأنه حديث الله، ولا أحد يستطيع أن يفهمنا القرآن لأنه يحدث القلب.فقد يتلى القرآن على اثنين، فترى أحدهما يبكي والآخر لا يتأثر،فالقلب هو الذي احتوى المعنى وليس العقل.وبعض العلماء الذين بين أيدينا فهموا القرآن بعقولهم وليس من الصواب أن نصف الكتاب بأنه سهل أو صعب الفهم وإنما الصواب أن نقول أنه إما أن يكون محجوب عن القلوب أو مكشوف! فهم الكتاب هو الوصول للإحساس الحقيقي للكتاب،والله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي للكتاب.



اسجد واقترب
فهم الكتاب هو من عند الله ،وعلى المؤمن أن يطلب هدى الكتاب منه سبحانه وتعالى، عليه أن يسجد له ويرجوه ويقول له: أين الهدى الذي تريده؟وعلينا أن نعلم أنه لا يمكن لأحد أن يحج الله يوم القيامة فلله الحجة البالغة والله يتعامل بمنتهى الحق والعدل،ولايمكن لأحد أن يحج الله يوم القيامة بأن يقول له : لقد طلبت منك يارب الهدى ولم تعطيني إياه، فاطلب الهدى بدون هوى وبدون رغبة أو ميل لأي مذهب، والله حتماً سيعطيك الهدى ولن يكون لك حجة على الله في يوم القيامة. وليس الهدى أن تخرج من اتباع شيخ أو قس في مذهب أو ديانة لكي تتبع شيخ أو قس آخر في مذهب أو ديانة أخرى.فمن تتبعه ليس مسؤولاً عنك يوم القيامة.
الله قريب منك وهو سبحانه العدد بعد أي عد في أي مجلس، الله لا يريد أن يعجزنا  في الفهم ولكن يريد منا إخلاص وصدق وابتعاد عن الهوى لكي نحصل على الحقيقة والهدى. علينا أن لا نغيّب الله في حياتنا، ولا نتعامل مع القريب على أنه بعيد.عندما تدخل في عينيك حبة رمل صغيرة، اعلم أن هذه الحبة دخلت في عينك بإذن الله،وأنه هو القادر على إخراجها من عينك،ادعوه واطلب منه وقل: يا رب أخرج من عيني حبة الرمل فهو أقرب لك من حبل الوريد وهو أكثر واحد يفهمك في هذه الدنيا، وهو أقرب واحد الذي لن يفهمك بغير ما تقصد،وهو أكثر واحد يريد مصلحتك ويريدك أن تنجو من النار فالحمد لله رب العالمين.