الجمعة، 12 يونيو 2015

الحرية


الحرية 
يقول الله سبحانه وتعالى : 
(وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً (29)).

كان الله سبحانه وتعالى لا يؤجل الحساب ، تماماً كما حصل مع آدم وحواء ، ولكن عندما نزل إلى الأرض تأجل الحساب إلى يوم القيامة. يعيش الإنسان الآن في فترة حرية الاختيار وعلينا أن نعي ونفهم ذلك جيداً حتى لا يختلط علينا الأمر. 
والهدف من هذه الحرية هو اتاحة الفرصة للإختيار، وحرية التصرف في كل إمكانيات الخلافة المتاحة للإنسان، وهذا الفهم ضروري لفهم حكمة الإله، ولإزالة الشبهة في جميع التساؤلات الإلحادية التي تطرح في سبيل العتاب على عدم تدخل الله سبحانه وتعالى في السلوكيات المتطرفة.
الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتساءل عن قتل الأبرياء قائلاً : (بأي ذنب قتلت)، الله سبحانه أعطانا الحرية وسنحاسب على هذه الحرية يوم القيامة، ولا يريد أن ينهي هذه الحرية. يقول الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة (لمن الملك اليوم) هل كان الله سبحانه وتعالى تارك للملك ؟ كان الله سبحانه قد خلف الإنسان على هذا الملك، وفي هذا السياق نحن نقول :(إنا لله وإنا إليه راجعون) وسنرجع إلى ملكه الكامل مرة آخر. 

هناك أسئلة قد تقود إلى الإلحاد، مثل لماذا ترك الله سبحانه وتعالى البشر بدون أن يتدخل في كل هذه المظالم والانتهاكات، لماذا لا يحاسب الناس؟ وهنا لابد وأن نفهم فلسفة الخلافة والغيب، ففي هذا نقطة تعارف مع الله سبحانه وتعالى.ونريد أن نأخذ هنا قاعدة عامة وهي:لا يصح أن أعتدي على حرية أحد لأن الله سبحانه وتعالى كفل هذه الحرية للناس، وهو محاسبهم على ذلك يوم القيامة. 


الخميس، 21 مايو 2015

ماهو التقدير

ماهو التقدير؟ 
التقدير هو مسافة بين نقطين، إذ لا توجد نقطة تقدر لوحدها. والتقدير هو أساس الأخلاق، ويتجسد التقدير في حفظ المسافات وعدم تضييعها، وبتضييع المسافات يضيع التقدير ونتيجة لذلك يضيع الخلق.

أولاً : تقدير الإنسان بين المخلوقات
(إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ).
الآية تتحدث عن تقدير الإنسان مع بقية المخلوقات، وتشير أن هذا المثل يهدي كثير ويضل كثير. وهي تؤكد قاعدة مهمة من القواعد التي لو ضاعت من المؤمن فلن يفهم أشياء كثيرة، ولن يصل إلى حقائق القرآن والآخرة، هذه القاعدة هي أن الإنسان متساوي في قدره بقية المخلوقات، والآية تؤكد على أن الإنسان إذا لم يعرف أصله سيقع في الضلال.

كل المخلوقات متساوية في القدر، والآية تعطي التقدير على هيئة سؤال: (ما بعوضة فما فوقها)؟ ، وبالتالي فإن تقدير  الإنسان هو أنه متساوٍ مع بقية المخلوقات.عندما قال الشيطان (أنا خير منه) هو يتحدث في سياق فقدان هذه القاعدة، ووقوعه في الفتنة التي تحذر منها الآية.

إذاً كل المخلوقات متساوية في وترجع إلى أصل واحد 
ما الفرق بين الإنسان وبين البعوضة؟ لا شيء! فإذا علمنا ذلك حق المعرفة، علينا أن نتأمل في البعوضة، ما قدرها بالنسبة لك الآن؟ هي شيء حقير يسحق بلمسة يد ويذرى في الجو بنفخة هواء !

من الممكن أن يتأثر القلب لقتل أي حيوان كالكلب أو القط أو أي نوع من الأنعام  وهكذا فإن قيم الأشياء تعلو حتى تصل إلى شدة التأثر لفقدان إنسان. ولكن عندما نقتل بعوضة فالقلب لا يتأثر لها ، وعلينا هنا أن نتعلم شيئاً مهماً ، أن البعوضة وما فوقها من المخلوقات هم في مقدار واحد .

قد تختلف مراكزنا في الحياة الدنيا على أساس مناصب إدارية أو ماشابه، ولكن ذلك لا يعني أن القيمة الحقيقة للإنسان تتغير، هي ذاتها ، كذلك بالنسبة للإنسان مع بقية المخلوقات ، وكذلك بقية المخلوقات مع البعوضة.

ثانياً : تقدير الإنسان مع الله
قد يقع الإنسان في خطأ تقدير الله سبحانه وتعالى من خلال الانخداع بحفظه لتقدير الله، فقد يقدر الإنسان الله حق قدره، ولكنه يخدع في تقدير نفسه، أو يتلاعب فيه ، إذا كان تقدير الإنسان مع بقية البشر هو التقدير الأفقي أي أنه يتساوى مع بقية المخلوقات في القدر، فإن تقدير الله هو مسافة رأسية، وأي تغيير في أي طرف من طرفي هذه المسافة فقد يؤدي ذلك إلى خطأ التقدير.
يقول الله سبحانه وتعالى
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)

وقد نتساءل اين التقدير في هذه الآية ؟ أي ما علاقة تقدير الإنسان لربه بنزول الكتاب؟ وهذا هو نتيجة لاختلال المسافة بين الإنسان وبين الله سبحانه وتعالى، وهذه نقطة مهمة في موضوع التقدير ، لأن قد يقع في هذه الخدعة، بأنه لا ينزل الله من قدره ومكانه، ولكن الخدعة أنه يقصر المسافة بين الرسل وبين الله سبحانه وتعالى. فتقترب المسافة بين الإنسان وبين الله ويختل التقدير
قدر الرسل تقدير هو أنهم بشر ، ولكن عندما نرفع الرسل عن البشرية فإننا نقصر هذه المسافة بين البشر وبين الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء جعلوا موسى أعلى من تقديره الحقيقي! وجعلوه أعلى من البشر ويأتي في قدره بعد الله مباشرة لا مساوياً لبقية البشر .

الاية توضح أن إيمان اليهود من أهل الكتاب بالتوراة هو على أساس أن من جاء بالتوراة وهو موسى أعلى من البشرية، أي أن إيمانهم بالتوراة مرتبط بمكانة موسى، ولكن الله سبحانه وتعالى يقول أن موسى كان بشراً ، وعندما تم العبث في قدر موسى برفعه عن البشرية، فردت الآية (ماقدروا الله حق قدره)، لأن هذا الاعتقاد هو إخراج نبي الله موسى من قدره يعني إنقاص في قدر الله مباشرة، لأن المسافة بين الله وبين هذا البشر نقصت، المسافة بين الله وبين البشر تظل ثابتة، وإلا فإن العبث في هذه المسافة يؤدي إلى إنقاص قدر الله سبحانه وتعالى.
وقول بني إسرائيل، إنما أنت بشر مثلنا، إنما يريدون بذلك أن أوصافك لا تتساوى في القدر مع قدرة الرسل كما جاء في علمنا، وهذا يكشف أنهم أخرجوا موسى من قدره الطبيعي بعقائدهم ومخيلاتهم بما هو مخالف لطبيعته البشرية، فلم يؤمنوا برسالة النبي محمد لأنه لا يحتل نفس المكانة.


ثالثاً : ما يصلح الإنسان 
على المؤمن أن يقدر نفسه بشكل صحيح بالنسبة لهذا الكون العظيم، مع بقية المخلوقات أولاً ، ومع الله ثانياً ، وقد جاءت آيات كثر في توضيح حقيقة الإنسان لأن في ضياع هذه الحقيقة منه ضلال كبير:
1-  ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كثيرا ) 
2- ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) 


رابعاً : غرور الإنسان 
أدى غرور الإنسان بنفسه أن جعل لله ولد من الإنسان،  بينما يقول الله سبحانه وتعالى لو (أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء).
بمعنى لو أراد الله أن يتخذ ولداً فيمكنه أن يتخذ من أي من المخلوقات الأخرى وليس من الضروري أن يتخذ من صنف البشر، أي أن الإنسان كمخلوق مثله مثل المخلوقات الأخرى، لماذا تصور الإنسان أنه جنسه هو الذي يستحق البنوة من عند الله دون بقية الأجناس والمخلوقات ؟ على الإنسان أن يعلم أنه فضل بتفضيل الله وليس بسبب منه. فالله قادر على أن يجعل الإنسان بعوضة ، وفقدان الإنسان لمعرفة قدره مصيبة أي مصيبة.


خامساً : القدر والأخلاق
من يعرف قدره بين من يعيش بينهم يقال في حقه أنه يعرف قدرالأخرين أو أنه يقدر الآخرين حق قدرهم، لذا تظهر عليه ملامح الأخلاق بينهم ، لذا فإن أساس الأخلاق بين الإنسان وبين بقية الناس مرهون بمعرفة هذه القاعدة حق المعرفة وهذه المعرفة ليست أغنية نتغنى بها أو كلام نتحدث به وندعيه بل عليه أن يظهر ويتجسد في سلوكياتنا وتصرفاتنا. ويتضح ذلك أكثر في عمل السيئات! هل أخاف من حساب الله وعقابه لي  أم اجعل لنفسي ميزة في أن الله سوف يغفر لي؟ على الإنسان أن لا ينس انه لو عمل سيئة فالقانون يسري عليه كما يسري على غيره، لذا فإن المؤمن يطلب النظرة كي يسمع ويطيع ولا يقع في الذنوب مرة أخرى، والمؤمن لا يأمن مكر الله، لا يأمن أن يأخذه الله قبل التوبة لأن الله لا يميل لأحد بهوى
على المؤمن أن يكون من أوائل الناس الذين يجيدون تقدير الذات، وأن يحذر من أن يقع في خطأ تقديره لنفسه لأن القانون واحد يقع على الجميع بدون تفريق.


سادساً : نتائج 
1- قد تكون حقيقة المثل في الآية ( ما بعوضة فما فوقها ) أنه يقصد نبي الله عيسى بشكل ضمني، أي ما الفرق بين عيسى وبقية المخلوقات، وهذا ما يجعل مقدمة الآية ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة ) أي أن الله لا يستحيي أن يقارن بين عيسى وهذا المخلوق الضعيف ولكن النبي محمد قد يستحي أن يضرب هذا المثل أمام محبي نبي الله عيسى.
2- كل من يفسق، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل يعطي قيمة لمخلوقات أعلى من قيمتها الحقيقية كما يضع البعض إلى أنبياء أو أرباب من دون الله ، فيجعلونهم في مكانة غير المكانة الحقيقية أي يضيعون القدر والمسافة بينهم وبين الله، وهذا ما يؤسس للباطل، والأخذ من دون الله.
3- قد يعطي الإنسان لنفسه أيضاً قدر غير القدر الحقيقي، ويتصور أنه مختلف عن بقية البشر ولا يناله الحساب من قبل الله لأن له الحظوة والمكانة المقربة منه سبحانه، فيقول: أن الله لن يعذبني، ولن يعاملني كبقية البشر. 
4- المشكلة أن الناس تعاملت مع النبي عيسى كذات ، ولم تتعامل معه كرسول، وعندما نعامل القمم العليا في الدنيا نعرف القواعد بشكلها الصحيح، فلا نتعامل مع الرسول بأكثر من كونه رسولاً إلى جهة أعلى منه، فما هو غير موصل من طرف إلى طرف آخر وليس له من الأمر شيء.
5- لكي يعرف الإنسان فضل الله عليه لابد وأن يعرف أصل الخلقة التي كان عليها، ومن يعرف هذه الحقيقة لا يفترض ولا يقول أنه أفضل من الناموس.
6- التقدير على مستويين، الأول الإنسان مع بقية البشر (مابعوضة ) ، والثاني الإنسان مع الله( ماقدروا الله ) ، وفي كلاهما يقع الإنسان في الفتنة.
7- يفتتن الإنسان في  ( مابعوضة ) بأن يظن أنه غير بقية المخلوقات.
8- يفتتن الإنسان ولا يقدر الله حق قدره، حين يبقي الله في مكانته العالية ولكن يرفع من قدر بعض البشر فيقربهم من الله ويرحل نقطة تقديره إلى نقطة أعلى فتقصر المسافة بينه وبين الله ، وإذا قصرت المسافة يضيع تقدير الله، وهذا ما يحصل للناس في تقديرهم للرسل.

سابعاً : بعض المخلوقات في القرآن الكريم
كيف تساوت بعض المخلوقات في القرآن الكريم مع بعض المخلوقات في الإحياء والموت والشعور.
1- الهدهد : ذكر الهدهد في قصة نبي الله سليمان، وقد أحاط الهدهد بعلم لم يعلمه سليمان.
2- الغراب : الله بعث غراباً، جاء في مكانة رسول تماماً كما يقول للأنبياء، كمخلوق يبعث.
3- الطيور مع نبي الله إبراهيم : عندما سأل نبي الله عن طريقة إحياء الموتى، كانت الإجابة خذ أربعة من الطير، وفي هذا مساواة في الخلق.
4- النملة : شعرت بالخوف من الموت، وكأنه تماماً شعور إنسان. وقد رد نبي الله سليمان فتبسم ضاحكاً فقد وصلته مشاعرها ولكنه يشعر بالتفضيل فقط بناءاً على المسؤولية التي أسندها الله إليه.
5- الحمار: في قصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، فإحياء الحمار هو نفس إحياء البشر، لا يعني أن هناك فاصل بين المخلوقات في هذا الشأن.
6- البعوضة : في قوله تعالى ( ما بعوضة فما فوقها ) في هذا إشارة إلى أن قدر الإنسان هو قدر البعوضة في الخلق، ما لم يصل الإنسان إلى هذا الإحساس يصل إلى الضلال.



الخميس، 7 مايو 2015

كيف نتعلم القرآن ؟ ( أخذ بالكامل)


أولاً : مقدمة  
إن أكبر موانع تعلم القرآن الكريم هي سنة الأولين، وما ألفه الإنسان من مجتمعه وما تربى عليه ، وقد ورد في ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم :
وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94))
وباتباع سنة الأولين سيكون القرآن والكتاب السماوي عجباً للناس
أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) ) .

ثانيا:  كيف أتعلم القرآن ؟
1- المعلم : أن أجعل الله سبحانه وتعالى هو المعلم الأول، فإذا كان الله هو منزّل القرآن ، وقريب من عباده ، لماذا أذهب لغيره؟

2- الهوى : أن أزيل الهوى ، لأنه سبب في وضع وقر في الآذان  واكنة في القلوب؟ وهو الرئيس في قفل السماع ؟ أما كيف نقتل الهوى؟ فمن خلال التواصي بالحق ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) والقرآن هو الحق.

3- الباب : علينا أن نتذكر دائماً أننا بحاجة القرآن ولكن  الباب الكبير الذي ندخل منه لهذا الكتاب هو باب هدى، والهدى يطلب من الرب الرحيم، وبهذا الباب يمكن أن نرى كلامه سبحانه. وعلينا أن نيقن أنه متى شاء أراني الهدى ومتى شاء يعميني (و إذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً). 

4- البساطة : وعلينا بعد ذلك أن نأخذ القرآن بالأسلوب البسيط  الذي كان يستقبله النبي محمد  ومن معه من المؤمنين في زمانه. ذلك الزمان لم تكن اللغة هي الحاجز عن فهم القرآن واتباعه! ولكن القلب هو الذي يمنع من الاستسلام له. إذ لم يكن هناك أحد يسأل النبي ما معنى هذه الكلمة ؟ وما حصل الآن هو أننا ابتعدنا عن تلك اللهجة لذا فنحن بحاجة لترجمة الكلمات للعودة لأصلها ولسنا بحاجة إلى  تفسير، أعطني معنى الكلمة لكي أفهم من خلال الهدى . لسنا بحاجة إلى أن نقول : ماذا يقصد بهذا ؟ لأن هذا يدخلنا في التأويل ، أي إذهاب الكلام إلى غير مكانه، ولكن علينا أن نفهم ببساطة .

4- الوهم : في أننا لا نفهم القرآن! والله سبحانه وتعالى يقول بيناه للناس، (هدى للعالمين ) فالقرآن هدى للعالم وليس للعلماء فقط . 


5- الصلاة : يجب أن أتعامل مع الله مباشرة  بالصلاة ، أن نقدم بين يديه شيء، ونسأله فيما اشتبه علينا أو ما اختلفنا فيه من الكتاب. 

6- طاعة الكتاب: استشعار أهمية طاعة الكتاب السماوي ، والله سبحانه وتعالى عندما قال (أطيعوا الرسول) تعني أطيعوا الرسالة، لأن الأهمية هنا، تماماً كما لو أن أحداً يبعث رسول لأحد برسالة، ويقول للناس أطيعوه، فالأهمية بما جاء به وما هو مرسل به لا في شخصه. وهذه رسالة جائت من الغيب من عند رب العالمين، لذا وجب الاهتمام بها وأخذها ودراستها.

السبت، 25 أبريل 2015

لماذا نتعلم القرآن ؟

س: هل يجب تعلم القرآن ؟
س: لماذا ؟

قبل أن نجيب على هذا سؤال : لماذا نتعلم القرآن؟ علينا أن نفهم أولاً معنى الخلافة التي جعلها الله سبحانه وتعالى في الإنسان.

أولاً : الخلافة والغيب
قد يعمل العامل أمام رب العلم بإخلاص ولكن عندما يغيب عنه لا يكون كذلك ؟ الله سبحانه وتعالى جعل خلافة الأرض في الإنسان، وأعطاه كامل الحرية في أن يختار ما يشاء. وبدأ هذا الإله في التعامل مع الإنسان وكأنه غير موجود، وبطريقة غير مباشرة فلا يتعامل معه مباشرة ولا يكلمه إلا عن طريق الرسل.
بعد أن أعطى الله سبحانه وتعالى الخلافة للإنسان أصبح في عالم الغيب، فهو غائب وغير غائب في نفس الوقت،غائب بخلافة الإنسان ولكنه يعلم كل شيء، لذا فإن أساس التعامل مع بني البشر على أنه سبحانه وتعالى غيب.

ثانياً : الرسالة
سبب تعلم القرآن هو أنه رسالة قادمة من ذلك الغيب، لأن هناك غيب هو الله  وهناك خلافة عند الإنسان والرسالة تمثل القيمة الكبرى من عنده سبحانه وتعالىسيكون الأمر عظيم جداً إن أرسل هذا الإله الخالق رسالة إلى الأنسان ولم يقرأها، فالرسالة تمثل القيمة الكبرى من عنده سبحانه، وهناك مشكلة كبيرة إن لم نقرأها. فإذا بلغ الإنسان أن هناك رسالة من عند الله له فأول شيء يعمله هو أن يفتح هذه الرسالة ويقرأها. بل يمكننا أن نقول : كيف تكون هناك كلمة واحدة من عند هذا الإله ولا تقرأها؟ وإذا استلمتها ولم تأخذ بها فسيقال لك: كيف تستلم هذه الرسالة باستهزاء؟
الرسالة الربانية تحمل الإنسان مسؤولية كبرى في استلام الرسالة، فالرسالة مبعوثة له وحين يستلم الرسالة فهو يسلم أموره ووجهه لله. فعلى المؤمن أن يسمع هذا الكلام، لكي يعرف من هو الله؟ و لكي يعرف ماذا يريد منه ؟

الأربعاء، 7 يناير 2015

الأمة


الأمة في القرآن الكريم

الأمة تأخذ المعنى العام للمنتمين لملة واحدة ودين واحد، وتعني أيضاً الفرق التي داخل الأمة والواحدة فكل فرقة هي أمة أيضاً

أمة النبي محمد 
الذين آمنوا بالنبي محمد كانوا فرق ويعبر عنهم القرآن الكريم بـ (الأمم)، وكان فرقة واحدة من بين هذه الفرق هي التي قال عنها الله سبحانه وتعالى (كنتم خير أمة أخرجت  للناس) وهذه الأمة شهدت الرسالة وعاشت محنها وهم الشهداء  الذين يحملون هم الرسالة مع النبي. وهم معروفون لدى غيرهم من الفرق الأخرى في نفس زمان النبي.


الأمم وأخذ الدين:  
(وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170))

الآية تشير إلى أن الجيل الأول الذي عاصر الرسالة تحول إلى فرق، ومن هذه الفرق فرقة صالحة ومنهم دون ذلك أي أقل من الصلاح، (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب) جاء جيل جديد هم أبناء الجيل الأول ورثوا الكتاب السماوي، (يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا) يأخذون ما يعرض لهم من دين من الفرق التي هي أقل من الصلاح في الجيل الأول،وهم على علم أن الذي يأخذوا منه الدين ليسوا أصحاب صلاح لذا يقولون :سيغفر لنا، (وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه)، ( ألم يأخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق): معنى ذلك أن ما تم توارثه من الجيل الذي هو أقل من الصلاح لم يكن من كتاب الله ، ولكن كان من أهوائهم التي هي تخالف الكتاب وتتماشى مع الجيل الجديد الذي يرغب في اتباع الهوى بدلا من اتباع الحق من الكتاب. ( والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) : هؤلاء هم الذين يسيرون على هدى الكتاب والذين يأمرون بالتمسك بتعاليم الكتاب واحكامه بدلاً من أخذ ما تم توارثه من الفرقة الغير صالحة من الجيل السابق.
ومن هنا تتضح  طريقة الفصل في الأحكام التي تؤخذ عن طريق ما ينقل من الأجيال المعاصرة للرسول؟ هل هي من الشهداء أو لا ؟


لفتة : نحن نسأل لماذا يقال عن الخليفة (عمر بن عبدالعزيز) خامس الخلفاء؟ لماذا لا يوجد سادس ، لماذا عمر بن عبد العزيز على حق ؟ ألأنك ترى أن من كان قبله على خطأ؟ فكيف تم أخذ الدين من أناس أنت تعتقد أنهم على خطأ؟!


مواضيع ذات صلة:

من هم الشهداء في الدين


من هم الشهداء
الشهداء هم الأولون السابقون الذين اختُصوا بأوامر خاصة بحكم معايشتهم للنبي، هم الذين شهدوا بدر وأحد وحنين ومن أمروا بأن يصلوا على الرسول، وأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي. 
نزول الكتاب يكون في حضور شهداء في الدين، (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)).على أن تأتي الأمم القادمة لتأخذ الرسالة الصحيحة منهم. وفي رسالة النبي محمد هم الذين آمنوا قبل الفتح وليس بعده، فهم وحدهم أمة، وهم (خير أمة أخرجت للناس). 

الشهداء هم الذين حضروا المواقع والمشاهد الأولية في الدين، وهم الذين اختبروا اختبارات لم يختبرها أحد والتي تشير إليها آيات كثيرة في كتاب الله 
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140))
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)

الشهداء هم الذين عاصروا فتن الرسالة ومُحِصوا وامتُحِنوا في إيمانهم، أما من جاء من  بعهده فإنه أخذ الدين جاهزاً ولم يفتتن في أصل الدعوة كفتنة تبديل القبلة. 
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) 

أهمية الشهداء
الرسالة تبدأ من جبريل إلى الرسول ثم الشهداء ثم إلى الناس، والشهداء هم الجيل الأول الذين عاصروا رسالة الرسول وعاشوا محنها وفتنها، وهم من يجب على الأجيال التالية أن تأخذ الدين منهم إذ أنهم هم رسل الرسول إلى الناس، وهم واسطة توصيل الرسالة التي نزلت على الرسول.

الشهداء بعد النبي:
ما الذي أتى بالشهادة في موضوع القتل ، تعني أنه مات من الشهداء واحد ، هذا  الذي قتل هو من الشهداء أصلاً الذي هو رسول الرسول، هؤلاء الشهداء هم وسطاء الدين، وبعد ذلك يكونوا شهداء ورثة يستلمون نفس الكتاب، ورثوا الكتاب الذي هو الشيء الرسمي من عند الله، الجيل الذين من بعدهم  هم شهداء أيضاً ولكنهم فتحوا الأخذ بعد أن كان مغلقاً. 

أنواع الشهداء 
شهداء على الكتاب هم الذين في زمن الرسول: الدين يتغير في زمن النبي 
شهداء على حفظ الكتاب :بعد الرسول وهم الذين يشهدون على الكذب الذي قيل على الرسول الذي قيل على الرسول.

لمحة على التاريخ
عندما مات الرسول بايع الصحابة أحد الأنصار ، وقام بعد ذلك عمر وبايع أبوبكر، اختفى بعد ذلك 99% من الأنصار، كيف تكون المواقف الصعبة التي مرت بالمسلمين وخصوصاً في تولي عثمان ، السؤال أين الأنصار ، أين الذين شهدوا بدر وحنين؟لا يوجد لهم أي موقف؟ أغلب الظن أنهم تجنبوا الصراع الدائر عندما رأوا أن هناك صراع حول السلطة وعندما رأوا أن الشيطان تمكن من إيقاع المسلمين في فتنة السلطة ابتعدوا عن ساحة المواجهة والتزموا الصمت لعلمهم بسنة الأولين ( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم ).


الأنصار


الأنصار : هم الذين آمنوا من أهل المدينة بالرسول قبل أن يأتيهم ، فأخذوا أجرهم مرتين ، وهم الذين خروا إلى الأذقان سجداً عندما سمعوا الهدى، كانوا من أهل الكتاب 
ولم يكتموا الرسالة وآمنوا بها ، واستقبلوا المهاجرين بدون خصاصة وعملوا على نصر الدين بكل إمكانياتهم المادية والمعنوية.


1- ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)) 

2- ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117))

الثلاثاء، 6 يناير 2015

المحكم والمتشابه



المحكم والمتشابه 

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8))



القرآن آيات متشابهات وآيات محكمات هن أم الكتاب ، لكل آية محكمة هناك آية متشابه لها ، ومن في قلبه زيغ عن الحق يتبع المتشابهات ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل، من كان في قلبه هوى فيما هو عليه فهو يبحث عن أي شيء من القرآن يثبت ذلك المعتقد.القلب الذي فيه هوى يزيغ عن الحقيقة ويبحث عن هواه ،المتشابهات هي آيات ليست محكمة إنها آيات مفتوحة في المعنى أي أن لها وجهات كثيرة ويمكن أن تحمل أكثر من معنى وتكون موضع للاستغلال لمن في قلبه زيغ.  

كل من عند ربنا  R
كأن أناسا ممن يتبعون المتشابهات قالوا أليس المتشابه من عند الله فقال الراسخون في العلم بلى هو من عند الله ولكن المحكم أيضا من عند الله فلماذا تتبعون هذا وتتركون هذا؟ ألم يتناقض رأيكم في المتشابه مع المحكم؟ فهل تقبلون نسبة التناقض لله! بالطبع لا سبحانه، فإذاً أعيدوا المتشابه للواضح وألغوا هذا التناقض.إلا أن الزائغين عن الحق يأبون إلا أن يعيدوا المحكمات إلى المتشابهات (ويبغونها عوجا).
الله سبحانه وتعالى يذكر سيرة الراسخون في العلم وطريقة تعاملهم في هذا الموضوع حتى يبين لنا كيف يجب أن نكون في هذه الفتنة فهم يقولون :(كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)، فماذا تعني هذه الكلمة ؟وكيف يجب أن نتعامل مع القرآن؟ كل من عند ربنا تعني أنه عندما نتعلم من القرآن فلا ينفع أن نحكم بأي حكم قبل أن نجمع الآيات التي تتحدث في نفس الموضوع. فلو كانت هناك آية تعطي وجهتي نظر مختلفتين، علينا أن نضع آية محكمة تحكم الحيرة بين الفهمين وتوجهه إلى رأي واحد وحكم واحد فقط ولا يمكن أن يحدث فيه الشك. ومن في قلبه زيغ يأخذ المتشابه ويترك المحكم ويتجه بالمتشابه في اتجاه واحد إلى ما يزيغ إليه قلبه، تاركاً الأصل الموجود في المحكم من الآيات. 

مثال 
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ) 
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)) 
 تؤكد الآية السابقة أن القرآن جاء مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، وتحدثت كثير من الآيات أن الدين واحد وفي أكثر من موقع ، لذا علينا أن نفهم مقطع الآية ( لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا) ضمن هذا المفهوم، وهو أن الأحكام الربانية لا تتغير.
فلا يصح أن نتجاهل كل تلك الآيات المحكمة ونتجه في فهم هذه الآية بشكل متفرد. وهنا يكون التطبيق للآية ( كل من عند ربنا ) فالذي بين أيدينا من عند الله، فلا نأخذ آية أو عنوان فنرفعه بدون حساب للفهم الكامل للدين من بقية الآيات.لا نريد أن نأخذ القرآن بمقاطع متفرقة ولكن نأخذه جملة كاملة وبموضوعه الكامل.