المحكم والمتشابه
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8))
القرآن آيات متشابهات وآيات محكمات هن أم الكتاب ، لكل آية محكمة هناك آية متشابه لها ، ومن في قلبه زيغ عن الحق يتبع المتشابهات ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل، من كان في قلبه هوى فيما هو عليه فهو يبحث عن أي شيء من القرآن يثبت ذلك المعتقد.القلب الذي فيه هوى يزيغ عن الحقيقة ويبحث عن هواه ،المتشابهات هي آيات ليست محكمة إنها آيات مفتوحة في المعنى أي أن لها وجهات كثيرة ويمكن أن تحمل أكثر من معنى وتكون موضع للاستغلال لمن في قلبه زيغ.
كل من عند ربنا R
كأن أناسا ممن يتبعون المتشابهات قالوا أليس المتشابه من عند الله فقال الراسخون في العلم بلى هو من عند الله ولكن المحكم أيضا من عند الله فلماذا تتبعون هذا وتتركون هذا؟ ألم يتناقض رأيكم في المتشابه مع المحكم؟ فهل تقبلون نسبة التناقض لله! بالطبع لا سبحانه، فإذاً أعيدوا المتشابه للواضح وألغوا هذا التناقض.إلا أن الزائغين عن الحق يأبون إلا أن يعيدوا المحكمات إلى المتشابهات (ويبغونها عوجا).
الله سبحانه وتعالى يذكر سيرة الراسخون في العلم وطريقة تعاملهم في هذا الموضوع حتى يبين لنا كيف يجب أن نكون في هذه الفتنة فهم يقولون :(كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)، فماذا تعني هذه الكلمة ؟وكيف يجب أن نتعامل مع القرآن؟ كل من عند ربنا تعني أنه عندما نتعلم من القرآن فلا ينفع أن نحكم بأي حكم قبل أن نجمع الآيات التي تتحدث في نفس الموضوع. فلو كانت هناك آية تعطي وجهتي نظر مختلفتين، علينا أن نضع آية محكمة تحكم الحيرة بين الفهمين وتوجهه إلى رأي واحد وحكم واحد فقط ولا يمكن أن يحدث فيه الشك. ومن في قلبه زيغ يأخذ المتشابه ويترك المحكم ويتجه بالمتشابه في اتجاه واحد إلى ما يزيغ إليه قلبه، تاركاً الأصل الموجود في المحكم من الآيات.
مثال
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ)
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48))
تؤكد الآية السابقة أن القرآن جاء مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، وتحدثت كثير من الآيات أن الدين واحد وفي أكثر من موقع ، لذا علينا أن نفهم مقطع الآية ( لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا) ضمن هذا المفهوم، وهو أن الأحكام الربانية لا تتغير.
فلا يصح أن نتجاهل كل تلك الآيات المحكمة ونتجه في فهم هذه الآية بشكل متفرد. وهنا يكون التطبيق للآية ( كل من عند ربنا ) فالذي بين أيدينا من عند الله، فلا نأخذ آية أو عنوان فنرفعه بدون حساب للفهم الكامل للدين من بقية الآيات.لا نريد أن نأخذ القرآن بمقاطع متفرقة ولكن نأخذه جملة كاملة وبموضوعه الكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق